مدريد: 19 أبريل 2021 بيان رقم:04/2021
في الثاني والعشرين من أبريل الجاري تمر الذكرى الأولى لإعلان تأسيس حركة “صحراويون من اجل السلام” والتي وضعت اولى لبناتها من طرف عدد من المؤسسين الذين خلصوا الى حتمية فشل مشروع التجربة السياسية السابقة، والتي قادت اهل الصحراء منذ أكثر من خمسة وأربعين سنة بفكر احادي وطيش سياسي لم يفضي الا الى انسداد الأفق والتعنت السلبي مما أدى الى سقوطه بحكم الأخطاء التاريخية والممارسات الغير اللائقة.
لكن روح المسؤولية العميقة والمشتركة، والتي اتسمت بها الحوارات واللقاءات التي جرت بين المؤسسين افضت الى رؤية سياسية واضحة، وأسس منهجية من أجل تنظيم العلاقة بين الأطراف المؤسسين، مما افضى الى انجاز هاته الخطوة التاريخية التي تعنى بمصير شعب الساقية الحمراء ووادي الذهب.
ليتم بذلك الاعلان عن ميلاد الحركة، قاطعة حينها شوطا كبيرا نحو ترسيخ مفاهيم جديدة تهم الشأن السياسي والإجتماعي وتوطيد العلاقة بين الصحراويين أولا، ثم الانطلاق نحو بلورة فكر جماعي ينبع من قضايا تهم الشأن العام لأهل الصحراء وتحفظ لهم كرامتهم وتجمع شملهم، وتفضي بذلك الى حل لقضيتهم المستعصية.
واصلت الحركة بعد ذلك طريقها نحو توحيد صف الصحراويين، و اتجهت نحو تنزيل رؤيتها على أرض الواقع، حيث رسمت خارطة طريق تتجه نحو فتح نقاش عام داخل الحركة، ينخرط به كافة الأطياف الصحراوية الأخرى على إختلاف توجهاتها و انتمائاتها، ناقشت من خلالها جل المشاكل والهموم اضافة الى الإحاطة بتطلعات الصحراويين بشتى بقاع العالم، ليتوج ذلك العمل بقبول وإنخراط عدد كبير من الصحراويين من الساقية الحمراء و وادي الذهب وموريتانيا و مخيمات اللاجئين و ارض المهجر باوروبا وامريكا، ايمانا واقتناعا منهم بتوجهها السلمي نحو الحل و خطابها الذي يستهدف عمق انشغالات الإنسان الصحراوي.
بعد ذلك خلصت الحركة الى حتمية الانفتاح على دول العالم، خصوصا تلك المؤثرة منها في النزاع، كما راسلت كافة المؤسسات والهيئات الدولية، لشرح توجهاتها ورؤيتها كطرف ثالث يعنى بحل النزاع بشكل سلمي وتوافقي يضمن العيش الكريم والأمن والأمان للصحراويين، ويحفظ مصالح كافة الأطراف.
خلال هاته السنة لم تسلم الحركة من الهجوم عليها من طرف أسماء بارزة تابعة لقيادة البوليساريو، بفعل الخوف الذي انتجه تواجدها وظهورها بالساحة، وباعتبارها أول تجربة تخرج عن الفكر الأحادي المتسلط، فلم تجد قيادة الجبهة سوى السب والقذف والتشهير بأعضاءها، ولرؤيتهم نجاح الحركة في استقطاب كافة شرائح المجتمع الصحراوي الذي مل من الخطاب السياسي القديم.
ورغم ذلك كله الا ان عزيمة القائمين على شؤون الحركة إضافة الى صمودهم أمام اي تيار يحاول زعزعة استقرار الحركة من الداخل كل ذلك لم يثني جميع الاعضاء والمنخرطين من تنظيم مؤتمرات فرعية بالساقية الحمراء ووداي الذهب، مما أفضى الى انتخاب مؤتمرين يمثلون الاقاليم المذكورة بالمؤتمر العام التأسيسي.
وبتاريخ الثالث من أكتوبر 2020 تم تنظيم المؤتمر العام التأسيسي، والذي شهد مشاركة مختلف الأطياف الصحراوية، وذلك من خلال ربط الإتصال المباشر عن بعد بكل من مدينة تولوز الفرنسية والساقية الحمراء ووادي الذهب وموريتانيا.
كما تميز المؤتمر بمشاركة متميزة للرئيس الأسبق للحكومة الإسبانية “خوسي لويس رودريكيز ثباتيرو” كضيف شرف والذي ساهمت مشاركته في تقديم الدعم المعنوي و السياسي كرجل سلام، و أضاف حضوره بعدا دوليا للحدث، مشيدا بمستوى التمثيلية داخل الحركة، ومعربا عن تأييده لمشروع الحركة، مؤكدا على “حتمية نجاحه” ، ليشيد بالقيم والأهداف النبيلة التي تبنتها الحركة من قبيل “السلام والتعايش والتضامن”، متمنيا النجاح لمؤتمرها التأسيسي، الذي اعتبره مقدمة لتحقيق التغيير وسيفتح المجال لواقع يسوده السلام و الاستقرار.
وأردف بمداخلته قائلا: (“لا يمكن لمن يتبنى هكذا قيم نبيلة أن يكون خائنا”) يؤكد رئيس الوزراء الأسبق في معرض كلمته التي قدمها عبر الانترنت، مضيفا: (“ان الحركة تمثل آمالا عظيمة بالنسبة للشعب الصحراوي وبقية الشعوب المغاربية، فالحوار والتعاون هما وحدهما الكفيلان بتحقيق آمال الصحراويين وإنهاء معاناتهم”)، ليختم بذلك كلمته مؤكدا أن المجتمع الدولي سيدعم نهج الحركة ولن يألو جهدا لإنجاحها.
فكان الحضور مميزا لعدد كبير من الصحراويين الذين نجحوا في انتخاب قيادة سياسية للحركة وسكرتيرا أولا لها، في جو يسوده الديمقراطية والالتزام بحرية الإختيار، كما تم إنشاء لجان تابعة للحركة تعنى بالشباب والنساء وحقوق الإنسان والمجتمع المدني ترأستها اوجه صحراوية شابة ومثقفة، في إطار سياسة الحركة والتي تروم الى تقديم الأطر الصحراوية للمشاركة في هذا المشروع الصحراوي الكبير.
لقد تداركت الحركة مخاطر الممارسات العنصرية، وناضلت كفريق عمل واحد للحد من هذه السياسات، وفضحها عبر نشاطات مختلفة وفي كل المحافل والمناسبات مدافعة أمينة على مصالح الصحراويين، مطالبة بإنصاف أبناء الصحراء بالساقية الحمراء ووادي الذهب كمواطنين ينبغي أن تصان حقوقهم وكرامتهم، يعيشون منذ مئات السنين جنب أشقائهم من دول المنطقة، كما وقفت الحركة طيلة سنة كاملة من التأسيس في وجه كل أشكال ومظاهر الاضطهاد التي خلفها هذا النزاع.
إن ظهور الحركة جاء كضرورة تاريخية، من أجل زرع التعددية الفكرية والسياسية داخل المجتمع الصحراوي، عقب عشرات السنين من الفكر الواحد. مركز الدراسات السياسية بحركة صحراويون من أجل السلام