– صاحب الفخامة السيد رئيس جمهورية بوروندي السيد دوميتيان ندايزيي.
– صاحب السعادة خوسيه لويس رودريغيز ثاباتيرو، الرئيس السابق للحكومة الإسبانية، الذي يتابعنا عبر الفيديو من مدريد.
– د. عبد اللطيف حيدرا، رئيس المركز الأفريقي للذكاء الاستراتيجي من أجل السلام.
– د. خوسيه بونو، الرئيس السابق لمجلس النواب ووزير الدفاع الأسبق في مملكة إسبانيا.
– السادة أعضاء السلطة التقليدية الصحراوية الممثلون بهذا الوفد الهام من الأعيان الذين يرافقوننا في هذا الحدث.
– أصحاب السعادة الوزراء والسفراء السابقون.
– السادة النواب الأوروبيون والنواب الحاضرون.
– سيداتي وسادتي
أود أولا أن أعرب عن امتناني لصديقي الدكتور عبد اللطيف حيدرا على دعمه الذي لا يقدر بثمن، والذي لولاه لكان تخطيط وتنظيم هذا المؤتمر الدولي الثاني للحوار والسلام في الصحراء الغربية مهمة صعبة، إن لم اقل مستحيلة. . وليس من قبيل الصدفة أن يستضيف هذا البلد الشقيق، السنغال، حدثا من أجل السلام، فالسنغال وشعبها الرائع كانا دائما مرجعا في الديمقراطية والتسامح والتعايش. وتحت رئاسة الرئيس ماكي سال، احتلت السنغال، وما زالت تحتل مكان رياديا رفيعا داخل الاتحاد الأفريقي وعلى المستوى العالمي لحل الصراعات الإقليمية واستعادة السلام والاستقرار في العديد من الأماكن في قارتنا. فليس من المستغرب أن يظهر اسم الرئيس ماكي سال كخلف محتمل للأمين العام الحالي للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش. وباستضافة هذا المؤتمر، سيصبح اسم السنغال وداكار جزءا من الذاكرة الجماعية للصحراويين، وسيرتبط بآمالهم وأحلامهم بمستقبل ينعم بالسلام والازدهار.
أصدقائي الأعزاء.
إن الحدث الذي يجمعنا هنا اليوم يندرج في إطار جهود ودعوة الحركة الصحراوية من أجل السلام لتنصب نفسها كـ”نهج ثالث” في البحث عن السلام كي نكون قادرين على المساهمة في حل مشكلة إفريقية قديمة، قضية الصحراء الغربية، التي زعزعت السلام والاستقرار في شمال غرب أفريقيا لمدة نصف قرن وحياة مئات الآلاف من الناس.
اسمحوا لي أن أعرب نيابة عن القيادة السياسية للحركة عن امتناني لجميع القادة والشخصيات السياسية والمثقفين والخبراء الذين سافروا من مختلف القارات لمواكبتنا هذه الدعوة للسلام، وخاصة لأولئك الذين أتوا من أماكن بعيدة و أعني هنا أصدقائنا من أمريكا اللاتينية الذين سافروا من سانتياغو دي تشيلي وبوينس آيرس وليما وأماكن أخرى لا تقل بعدًا.
كما أود أن أتوجه بامتناننا إلى إخواننا وجيراننا الموريتانيين، وإلى العديد من الشخصيات والقادة السياسيين والمثقفين الحاضرين هنا في بادرة ذات قيمة كبيرة لصالح السلام والاستقرار في منطقتنا وبالطبع لترسيخ روابط الجوار و الثقافية المتعددة التي توحدنا.
كما تعلمون، على مدى ثلاثة عقود، واصل المجتمع الدولي، من خلال هيئة صنع القرار الرئيسية في الأمم المتحدة، مجلس الأمن، بذل الجهود لتسهيل تسوية مشكلة الصحراء الغربية. لقد مر ما لا يقل عن ثلاثة أمناء عامون للأمم المتحدة وأكثر من عشرة مبعوثين خاصين بهذه المنظمة حول هذه القضية دون إحراز أي تقدم نحو التوصل إلى اتفاق يضع حداً للصراع وينهي أسوأ موجة من عدم الاستقرار عرفتها هذه المنطقة من العالم ، من بلدنا ، من قارتنا. إن مواقف الطرفين المتعارضة وأجواء المواجهة الدائمة بين القوتين الرئيسيتين في المنطقة، الجزائر والمغرب، حالت دون إحراز أي تقدم نحو التوصل إلى اتفاق. وعلى مدى نصف قرن، عانى الصحراويون من عواقب هذا التنافس، كونهم الضحايا الرئيسيين لحرب زرعت بذور الموت والجلاء والمعاناة بجميع أنواعها.
ولإحداث نقطة تحول في هذه العملية الطويلة، قرر المئات من القادة العسكريين والمدنيين السابقين الذين عملوا داخل جبهة البوليساريو فتح نهج جديد من خلال تشكيل قوة سياسية مستقلة، في 22 أبريل 2020، تحت اسم “الحركة الصحراوية من أجل السلام”. . وقد رافقنا خلال هذا الحدث العديد من أبناء وأحفاد أفراد جماعة الصحراء التي كانت قائمة إبان عهد الإدارة الاستعمارية الإسبانية. وأود أن أغتنم هذه الفرصة لأهنئ أنفسنا بوجود وفد كبير في هذه القاعة يمثل أعيان الصحراء الذين نشكرهم على حضورهم ونحثهم على مرافقتنا بحكمتهم المعروفة وحسن تقديرهم في هذه المهمة النبيلة التي لا هدف لها سوى إخراج شعبنا من هذه الدائرة المفرغة الذي وقع فيها يجذبه سراب مشاريع غريبة على مصالحه.
لقد اتخذنا هذه الخطوة لمحاولة التأثير على مجرى الأحداث، وفتح طريق الأمل للصحراويين ووضع حد للرحلة إلى اللامكان التي يقوم بها شعبنا منذ خمسة عقود. لقد قررنا الابتعاد عن التطرف ، والدفاع، من خلال مقاربة معتدلة وواقعية ومسؤولة، عن الحل الممكن، الحل الذي لا غالب فيه و لا مغلوب، والذي يضمن للشعب الصحراوي أبسط حقوقه الأساسية في التعايش مع المملكة المغربية ومع شعوب المغرب العربي الأخرى.
وحتى لا نكون كمن يصرخ من الصحراء الشاسعة، سنستخدم ما يسمى بفن الخطابة، لذا قررنا إطلاق الخطوط العريضة لخطة الحل التي أعلنا عنها خلال مؤتمر السلام الذي عقد في جزر الكناري في مدينة لاس بالماس في سبتمبر من السنة الماضية. و في جزر الكناري هذه حاولنا زرع بذرة صغيرة من الأمل والتفاؤل.
وبهذه المناسبة، أسمح لنفسي أن أذكر ببعض الجوانب والأجزاء، لأننا نعتبرها صيغة ملموسة وقابلة للتطبيق، وقابلة أن تكون موضعا لعملية التفاوض مع المملكة المغربية مباشرة أو من خلال الوساطة التي يقوم بها المبعوث الأممي الخاص ستيفان دي ميستورا، الذي، علاوة على ذلك، نرى أنه في ظرف عامين لم يتمكن من التقدم ولو مليمتراً واحداً، ربما لأنه لم يكن لديه القدرة أو الجرأة على الابتكار واستكشاف مسارات أو منعطفات أخرى. ومن المؤسف أنه حتى الآن لم يتمكن من الابتعاد عن الآثار التي خلفها المبعوثون الاثني عشر الذين سبقوه، والذين كان من بينهم دبلوماسيين عالميين من العيار لثقيل ، والذين انتهى بهم الأمر إلى الفشل. ونأمل ألا يحدث له نفس الشيء ونعرب هنا عن رغبتنا في مساعدته على الخروج من هذه الحلقة المفرغة.
وتتضمن الوثيقة التي أعدتها حركة الصحراويين من أجل السلام العناصر الأساسية لمشروع نظام أساسي من شأنه، على أساس احترام والاعتراف بالرموز الرئيسية لسيادة المملكة، أن يوفر للصحراويين نظاما سياسيا وتشريعيا وقضائيا يتوافق مع المعايير المعترف بها عالميا في مجال الحكم الذاتي. . إن إدخاله هذا النظام في النظام السياسي للمملكة مع توفير الضمانات اللازمة سيعني نهاية الصراع وسيعزز صورة وهيبة المملكة المغربية كملكية دستورية حديثة على المستوى الدولي.
بالنسبة للشعب الصحراوي، سيكون هذا النظام بالطبع تجربة غير مسبوقة في تاريخه حيث سيتم تزويده بالأدوات اللازمة لإدارة شؤونه الخاصة، من خلال مؤسسات حديثة تقوم على القيم المدنية للمواطنة والمساواة والديمقراطية. وأخيرا، بعد الحقبة الاستعمارية الطويلة وفشل مشروع تندوف المؤلم، سيتمكن الصحراويون الأصليون من جمع شملهم على أرضهم والعمل كمواطنين كاملين وليس كلاجئين أو أشخاص عديمي الجنسية أو منبوذين ، وستتاح لهم الفرصة للمشاركة كعناصر فاعلة ومدبرة في تنمية أقاليمهم، والاستفادة من مواردها الطبيعية، والعيش بكرامة في بيئة يسودها السلام والهدوء في ظل سيادة القانون.
وكما أعلنا في جزر الكناري، فإن المشروع لديه كمرجع، من بين أمور أخرى، نماذج كردستان العراق دولة بورتوريكو المرتبطة ، فضلا عن النظام الأساسي لكاتالونيا وإقليم الباسك في الدولة الإسبانية. ومن الناحية المنطقية، تم أخذ اقتراح “الحكم الذاتي الموسع” الذي قدمته الحكومة المغربية إلى الأمم المتحدة في أبريل 2007 في الاعتبار أيضًا، والذي تعتبره حركة صحراويون من أجل السلام نقطة انطلاق جيدة نحو صيغة تسوية. وكما سبق أن قلنا عدة مرات، فإننا نرغب في اختبار مدى مرونة هذا العرض وحجمه، اقتناعا منا بإمكانية الوصول إلى نقطة التقاء بين الحقوق الأساسية للصحراويين والمصالح العليا للمملكة المغربية.
يتضمن المشروع ديباجة و54 مادة لما سيشكل إطار القاعدة المؤسسية الأساسية أو النظام الأساسي الخاص للكيان الجديد. الذي سيتعين تحديد اسمه ورموزه من قبل المجلس التشريعي الصحراوي المستقبلي. ويحدد النظام الأساسي طبيعة واختصاصات الكيان الصحراوي حسب الروابط الخاصة مع المملكة المغربية، وذلك من خلال الاعتراف بالسلطة العليا لجلالة الملك المنصوص عليها في المواد 41، 42، 43 و 46 من دستور المملكة. سيكون الدفاع والسياسة الخارجية جزءًا من الاختصاصات الحصرية للدولة دون الانتقاص من الصلاحيات المحددة في مسائل الأمن والنظام العام، وكذلك العمل الخارجي الضروري للكيان الصحراوي والذي يجب أن يكون موضوع اتفاق.
وستصدر القوانين باسم الملك، وهو الذي يعين رئيس السلطة التنفيذية الصحراوية الذي يقترحها المجلس التشريعي الصحراوي. وسيتكون هذا المجلس، بصفته غرفة دنيا، من 95 برلمانيًا يُنتخبون بالاقتراع العام. و قد ينظم القانون حصة التمثيل النسائي في المجلس.
سيكون مجلس الأعيان بمثابة غرفة عليا، يشكل مع المجلس السلطة التشريعية للكيان. ويتألف مجلس الأعيان المذكور من 75 عضواً، وينبغي أن يعكس تمثيلاً متوازناً للفسيفساء القبلية التي تجمع بين الانتخاب المباشر للثلثين ليكون الثلث المتبقي عن طريق التعيين المباشر من قبل رئيس الجهاز التنفيذي.
.
إلى جانب منصب الرئيس، يوصى بتعيين نائبين للرئيس أو مندوبين حكوميين، يتم اقتراح أسمائهما أو تعيينهما من قبل رئيس الجهاز التنفيذي كأعلى ممثلين حكوميين للكيان، في المنطقتين أو لكلتاهما: الساقية الحمراء ووادي الذهب. ويمكن التعيين لهذين المنصبين، الذين سيكونان جزءاً من الحكومة، على أساس المعايير القبلية ولكن مع الأخذ في الاعتبار القدرات الشخصية للمرشحين، وتكوينهما الأكاديمي، ونزاهتهما، وقدرتهما على تحقيق الحكامة الجيدة.
ومن المهم التأكيد على أن حجم وتنوع الصلاحيات الممنوحة بموجب النظام الأساسي سيشكل، مع الضمانات، دليلا رئيسيا على قوة وصلابة النظام الديمقراطي المغربي كإطار للتعايش بين الصحراويين والمغاربة . كما سيكون دليلا على جدية ومصداقية نموذج الحكم الذاتي المقترح كحل في نظر المجتمع الدولي. ولذلك فمن الضروري أن يتم تحديد السلطات العامة ومجموعة الصلاحيات والقوانين التي ستحكم الكيان وضمانها دون أدنى شك. حسنًا، إنها لا أكثر و لا أقل الصيغة التي ستضع حدًا للصراع المستمر منذ ما يقرب من نصف قرن والذي يدفع فيه الصحراويون والمغاربة ثمنا باهظا من أرواح البشر، والجرحى، والأيتام، والأرامل، ناهيك عن الدموع الغزيرة والصدمة التي يعاني منها السكان، ولا سيما السكان الصحراويون الأصليون في مخيمات تندوف.
ولهذا السبب أيضاً يجب أن تكون الضمانات متبادلة، وتشمل احترام النظام وإدراجه في دستور المملكة وفقاً لأحكام مقترح 2007 في النقطة 29. بالإضافة إلى ذلك، يجب توفير ضمانات دولية للامتثال للاتفاقيات التي سيتم التوقيع عليها، فضلا عن آليات التحكيم لتسوية و/أو إعادة التفاوض على الخلافات المحتملة في تفسير القوانين أو حل النزاعات الافتراضية على السلطة بين الجهاز التنفيذي الصحراوي و الحكومة المركزية.
أدوات الاتصال والتنسيق.
ويجب أن يتضمن النظام الأساسي أدوات متعددة ومتنوعة للاتصال والتنسيق بين الجهاز التنفيذي ومؤسسات الكيان الصحراوي ومؤسسات المملكة المغربية في كافة المجالات، بما في ذلك تلك المتعلقة بالأمن والسلامة والعمل الخارجي. يُقترح التواجد الدائم في الغرفتين الدنيا و العليا للمملكة لمجموعة من الأعيان والنواب الصحراويين الذي يصل عددهم 8 و10 على التوالي. ويجب انتخابهم ديمقراطيا في إطار الانتخابات التشريعية أو من قبل المجلس التشريعي الصحراوي بعد تشكيله. وبالمثل، سيكون من المفيد والمجدي تخصيص حصة أو منصب وزاري للكيان الجديد و/أو كاتب دولة أو أكثر داخل الحكومة المركزية، بالإضافة إلى حصة في السلك الدبلوماسي للمملكة.
سيكون للحكومة المركزية ممثل أو مندوب بعاصمة الجهة و/أو والي يعينه الملك، وفي نفس الوقت يمكن للجهاز التنفيذي الصحراوي أن يكون له مندوب بعاصمة المملكة يكون تابعا لأمانة العلاقات مع الإدارة المركزية.
نظرا لأهمية وضرورة تعزيز التواصل بين الساقية الحمراء ووادي الذهب، وكذلك بينها وبين المدن الرئيسية للمملكة، وتشجيع السياحة والتجارة والتعاون مع البيئة الجغرافية، يتعين إنشاء شركة عمومية صحراوية للنقل الجوي بمشاركة رساميل خاصة. سيكون لدى هذه الشركة الحد الأدنى من الطائرات المتوسطة الحجم وستعتمد على الخطوط الملكية المغربية إلى أن يتم تكوين الطواقم والمعدات التقنية اللازمة لهذه الشركة لتكون قادرة على أن “تحلق بمفردها”. وستظل السيطرة على المجال الجوي للإقليم في أيدي الإدارة المركزية.
كما يجب إدراج قناة تلفزيونية فضائية ومحطات إذاعية عمومية في المجال العام ووسائل الإعلام التابعة للكيان الصحراوي.
وفيما يتعلق بالتعليم، سيكون من المناسب إطلاق الجامعة العمومية الصحراوية من خلال توسيع الكليات والدورات التعليمية الموجودة وتوزيعها بين المدينتين الرئيسيتين في الإقليم. وكذلك تعزيز مراكز التكوين المهني من خلال تحسين وتوسيع النظام الحالي بموجب اتفاقيات التعاون مع المناطق الأخرى.
وفي مجال الصحة، تعزيز البنية التحتية للصحة العامة، من خلال بناء المزيد من مراكز الرعاية الأولية وتحسين جودة المستشفيات العامة لتغطية أكبر عدد ممكن من التخصصات تدريجياً.
أما على المستوى الأمني، فلا بد من مسائلة أجهزة الكيان الصحراوي المستقبلية و منحهم القدرة الكاملة على ضمان الأمن الداخلي واستخدام القوة القانونية للحفاظ على النظام والاستقرار والتعايش في الإقليم، كما يحدث على سبيل المثال في كردستان العراق أو مثل الهيئات التي تعمل في كتالونيا أو إقليم الباسك. وعلى هذا المنوال، ينبغي النظر في تشكيل قوة أمنية محترفة قوامها ستة إلى ثمانية آلاف فرد للحفاظ على النظام العام وحركة المرور ومراقبة المباني والممتلكات العامة. وينبغي دمج مئات الشباب الذين هم الآن جزءا من ميليشيات البوليساريو في هذه الوحدات لإبعادهم عنها وتجريدهم من السلاح.
ويجب أن يضاف إلى ذلك أيضًا مئات الشباب العاطلين عن العمل حاليًا في الاقليم. ويمكن لجزء من هذه الفيالق، الذي سيتم منحها التكوين والقدرات اللازمة للعمل في الصحراء، أن تشارك إلى جانب القوات الحكومية في مراقبة الحدود ومراقبة السواحل وفي نهاية المطاف في الأنشطة الدفاعية الإقليمية، ولا سيما تحسبا لبسط السيطرة الفعلية على شرق الجدار وتغطية بقية الأراضي، مع الأخذ في الاعتبار لشساعتها وقربها من منطقة شديدة الخطورة مثل منطقة الساحل. ولتحقيق هذه الغاية، يُقترح إنشاء هيكل تنسيق مرتبط بقيادة القوات المسلحة الملكية والذي سيشمل التكوين والمعدات (المركبات والمعدات الخفيفة) والمشورة.
وعلى مستوى الشرطة والاستخبارات، هناك أيضا إمكانية إنشاء آليات مماثلة مع الأجهزة المناظرة للدولة المغربية.
من الضروري أن يكون للجهاز التنفيذي الصحراوي اسقاطات خارجية، خاصة في الأماكن التي يوجد بها سكان صحراويون أو حيث توجد إمكانيات للتعاون في المجالات الاقتصادية أو التجارية أو الثقافية أو التعليمية أو الصحية أو الرياضية أو أي مجال آخر مفيد أو مثير للاهتمام للإقليم دون المساس بمصالح وسياسات الدولة المركزية. و هذا مجال دولي يجب على الكيان الصحراوي أن يظهر فيه شخصيته الخاصة، ويشارك في التفاوض على اتفاقيات مع الاتحاد الأوروبي أو المنظمات الأخرى المرتبطة بالإقليم، وباختصار، أن يدافع وحده عن جدوى الحكم الذاتي والاعتراف بمشروعيته.
ومن هذا المنظور، كما هو الحال في كتالونيا أو إقليم الباسك أو كردستان، سيكون من الضروري النظر في إنشاء داخل الجهاز التنفيذي الصحراوي لأمانة للعمل الخارجي، فضلا عن فتح مكاتب إعلامية أو مندوبيات، ستحضر ، بالتنسيق مع البعثات الدبلوماسية للمملكة، أي نشاط أو معاملة تتطلب موافقة الإدارة المركزية. وفي فرنسا وموريتانيا وإسبانيا وغيرها من الأماكن التي يقيم بها جزء من المجتمع الصحراوي أو حيث توجد إمكانيات للتعاون والتبادل، سيكون من المناسب فتح مندوبيات.
وينبغي تشجيع وإقناع الدول الأخرى بفتح بعثات دبلوماسية بالإقليم واعتمادها لدى الجهاز التنفيذي الصحراوي للمشاركة في مشاريعها وخططها التنموية الاقتصادية وتشجيع الاستثمارات الأجنبية.
ومن أجل تخطيط السياسة الاقتصادية والاجتماعية للكيان المستقبلي وبهدف الحفاظ على المكتسبات المحرزة حتى الآن، سيكون من المناسب تحديد عدد سكان الإقليم، ونسبة الموارد الطبيعية الحالية والمستقبلية، فضلا عن إجمالي الإيرادات الدائمة الذي سيكون بمثابة الناتج المحلي الخام للإقليم. وكذلك كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية التي ستديرها السلطة الجديدة، وكذلك التحويلات الثابتة والاستثنائية للإدارة المركزية.
ويجب مراعاة رأي ومصالح الكيان الصحراوي في المشاريع أو الأعمال الكبرى للإدارة المركزية بالإقليم، وذلك من خلال المشاركة في التخطيط وتخصيص الحصص في التسيير والعمل. وسيكون من الضروري أيضًا أن نأخذ في الاعتبار صلاحيات الحكم الذاتي في مسائل الضرائب والواردات والصادرات وكل ما يتعلق بالضرائب الجمركية والالتزامات المالية الأخرى.
الجهاز التنفيذي للكيان
من حيث المبدأ، يمكن أن تكون هناك ثلاثة عشر (13) أمانة تشكل الحكومة الصحراوية المستقبلية، ويمكن أن تكون على النحو التالي، في حالة الموافقة عليها من قبل السلطة التشريعية:
1 . التجارة والمالية والتخطيط الاقتصادي.
2 . الأمن والشؤون الداخلية
3 . النقل والاتصالات والأشغال العامة.
4 . البيئة والطاقة والتخطيط العمراني.
5 . العلاقات مع المجلس التشريعي والإدارة المركزية.
6 . التعليم و التكوين المهني والثقافة.
7. السياحة والعمل الخارجي وترقية الاستثمار
8 . الزراعة والثروة الحيوانية والموارد المائية.
9. الصيد البحري والصناعة
10. العمل والشؤون الاجتماعية
11 . الإسكان والإدارات المحلية.
12 . الشباب والرياضة.
13 . الصحة والاستهلاك.
اعتبارات أخرى
وكما هو منصوص عليه في الاقتراح المستقل الذي قدمته حكومة المغرب في عام 2007، سيكون من الضروري، عندما يدخل النظام الأساسي مرحلة متقدمة من التطبيق، الإعلان عن عفو عام وتسهيل عودة اللاجئين والنازحين. ويجب أن يتضمن هذا العفو الغفران أو العفو الملكي عن السجناء السياسيين. ويجب على الكيان الصحراوي توفير العدالة وتعويض أسر الضحايا بل و ايضا الأسر ضحايا القمع بمخيمات تندوف، ولا سيما الناجين وأقارب معتقلي سجن الرشيد الشائن.
ومن أجل عودة اللاجئين، ينبغي إعطاء الأولوية لأولئك الذين هم في الأصل من الإقليم (أولئك المسجلين في الإحصاء الإسباني لعام 1974 وأحفادهم). ولتحقيق هذه الغاية، يوصى بتشكيل لجنة مشتركة مكونة من متخصصين في هذا المجال وأخذ آراء الوجهاء لتحديد الأولويات والمعايير والخطط الخاصة بعملية النقل وإعادة الإدماج. ومن المحتمل أن يكون هناك تدفقا هائلا من السكان من مخيمات تندوف والدول المحيطة إلى الإقليم، لذلك لا بد من وجود خطة طوارئ. و في هذا الصدد، سيكون من المفيد إشراك الدول المهتمة (الولايات المتحدة الأمريكية، إسبانيا، ألمانيا، فرنسا، دول الخليج، وغيرها)، وكذلك الهيئات المالية ورؤوس الأموال الخاصة، لإنشاء صندوق دولي لإعادة إعمار المناطق الواقعة شرق الجدار.
لذا يجب بناء ما بين 30 إلى 40 ألف وحدة سكنية اجتماعية للاجئين العائدين، ويجب خلق ما لا يقل عن 50 ألف منصب عمل للحد من البطالة الموجودة في الإقليم ودمج القوى العاملة العائدة.
ومن الجوانب الأخرى التي يجب على الكيان المستقبلي أن يأخذها بعين الاعتبار، إنشاء بند خاص في ميزانيات الإقليم لرعاية آلاف الأيتام والأرامل والمعاقين نتيجة الحرب والمنفى. وسيكون هذا الإجراء حاسما لتعزيز الثقة لدى المنفيين و تحريرهم و تجريدهم من السلاح وعودتهم.
تعتبر سياسات توزيع الأراضي الحضرية ومنح التغطية الاجتماعية، “الانعاش”، أدوات مهمة للغاية يجب إعادة تعديلها واستخدامها بشكل أفضل وتكييفها مع احتياجات إعادة الإدماج ولصالح الأسر ذات الدخل المنخفض أو الضعيفة. وفي كل الأحوال، فإن الحكم الرشيد والشفافية والمساواة في إدارة وتوزيع الموارد والميزانيات ستكون ضرورية، باختصار، تنفيذ القوانين القادرة على وضع حد للفساد والمحسوبية وسوء الإدارة والإثراء غير المشروع.
وبمجرد إبرام الاتفاق المبدئي، فمن المناسب النص على فترة انتقالية مدتها ثلاث سنوات تحت مسؤولية سلطة تنفيذية مؤقتة يعينها الملك وإنشاء لجنة مختلطة لنقل السلطات وتطبيق النظام الأساسي على عدة مراحل، أولها ستؤدي إلى إجراء الانتخابات وتكوين أول مجلس تشريعي صحراوي، وكذا تشكيل السلطة التنفيذية الجديدة الناتجة عن صناديق الاقتراع.
وفي المرحلة الأخيرة من العملية، ينبغي النظر في احترام شرط تقرير المصير الذي أوصت به السلطات والرأي العام الدولي، كما هو مبين في النقطتين 8 و 27 من مقترح الحكم الذاتي لعام 2007. ستشكل انتخابات المجلس التشريعي الصحراوي في المنطقة استفتاء أوليا بحضور مراقبين دوليين، كما يمكن أن يتم لاحقا استدعاء مشاورة عامة أو استفتاء للتصديق على النظام الأساسي.
هنا إذا ، أيها الإخوة الصحراويون والمغاربة الأعزاء، هو مقترح لحل وسط بين المواقف المتعارضة تماما التي ميزت العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة حتى الآن. إنه مقترح معقول ومتوازن، مصمم وفق نهج معتدل وواقعي، قادر على ضمان حقوق ومصالح جميع الأطراف بالتساوي. وهذا ما اعتزمنا تقديمه للمبعوث الأممي خلال اللقاء الذي طلبناه خلال جولته الأخيرة، اقتناعا منا بأن المقترح المذكور يشكل “خارطة طريق” واقعية تتكيف مع مفهوم “الحل التوافقي” الوارد في كافة قرارات مجلس الأمن منذ عام 2007.
من وجهة نظرنا، فإن العرض المغربي الذي تم طرحه وتسجيله في الأمم المتحدة يمثل فرصة فريدة، ونظرا لأنه تم إهدار العديد من الفرص خلال خمسة عقود، لدينا، كممثلين صحراويين، إرادة قوية، لعدم السماح بحدوث ذلك مرة أخرى. ولدينا يقين مؤكد بأن هذه هي الطريقة التي نعكس بها مشاعر غالبية الصحراويين اليوم في عام 2023.
وكما أعلنا في جزر الكناري، فإننا نقترح إنشاء هيئة أو لجنة صحراوية للحوار والسلام ندعو إليها ممثلي السلطة التقليدية سواء في الإقليم أو في مخيمات تندوف، فضلا عن المجتمع المدني والحركات السياسية. يتعلق الأمر بتوحيد المعايير والاتفاق على استراتيجية لتعزيز وتسريع الحل السلمي من خلال اتفاق مع المملكة المغربية، دون أي هدف آخر سوى إنقاذ ما يزال من الممكن إنقاذه، والبدء في بناء المستقبل وترك الحد الأدنى من الإرث للأجيال الصحراوية القادمة.
والأمر متروك للسلطات المغربية لاتخاذ خطوة والإثبات بالحقائق أن اقتراحها المستقل واسع النطاق وجاد وذو مصداقية وصحيح.
ونطلب من أصدقائنا الأفارقة ومن أمريكا اللاتينية وأوروبا الحاضرين هنا أن يرافقونا ويشجعونا ويدعمونا في هذه الرحلة نحو المستقبل.
إننا ندعو جبهة البوليساريو إلى التخلي عن مواقفها الراديكالية والانضمام إلى هذا الجهد الذي يجعل المنطق السليم ينتصر مرة واحدة على الشعارات والأساطير الرومانسية، وبعبارة أخرى منع قيادة الصحراويين نحو الانتحار الجماعي.
وإننا نحث قادة الجماعة المسلحة، الذين رفضوا مرة أخرى دعوتنا لحضور مؤتمر الحوار والسلام هذا، ونحثهم ونناشدهم على إسكات أسلحتهم كما تقتضي قرارات الاتحاد الأفريقي، وعدم التضحية بعد الآن بأرواح شباب غارق في انعدام الآفاق في حرب غير متكافئة وعبثية وعديمة الجدوى.
إننا نطلب من العقلاء على رأس المنظمة أن ينضموا إلى هذه الرؤية المعتدلة والبراغماتية، وأن يستجمعوا شجاعتهم ويتخذوا خطوة في الاتجاه الصحيح، وأن يجبروا مفاوضي الجانب الآخر على الحصول على أكبر الفوائد من التزامهم المعلن بـ “التوصل إلى اتفاق متبادل” مع ضمانات دولية، لأنه في نهاية المطاف، كما قال الفيلسوف الهولندي العظيم إيراسموس روتردام، “إن سلام غير مواتي أفضل بكثير من الحرب العادلة”. لا يزال أمامنا الوقت.
شكرا جزيلا