بقلم محمد سالم عبد الفتاح:
شاهد عيان آخر على ظروف وملابسات تأسيس االبوليساريو يفند الرواية الرسمية التي لطالما روجتها قيادة الجبهة حول تلك الفترة..
هذه المرة السيد عبدي ولد صيدح ولد ميارة رفيق الولي مصطفى السيد وقريبه، وأحد المساهمين الأوائل في تأسيس الجبهة، وعضو الحركة الجنينية التي تم تأسيسها بطنطان بداية سبعينيات القرن الماضي من طرف مجموعة من الطلبة الصحراويين الدارسين في الجامعات المغربية.
ما يميز شهادة ولد ميارة ويضفي عليها المزيد من المصداقية، عدى عن كونه شاهد عيان على أهم الأحداث المفصلية في تلك الحقبة، هو أنه لا يزال مقيما في مخيمات اللاجئين الصحراويين – جنوب غرب الجزائر، ويتحدث من موقع المؤيد والمتمسك بطرح البوليساريو، الأمر الذي سيحول دون مزايدات أبواق القيادة التي لطالما حاولت تسفيه وتمييع كافة الشهادات المناقضة لرواية الجبهة الرسمية، عبر تخوين المتدخلين الذين يخالفون وجهة نظرها واتهامهم بالعمالة لصالح المغرب.
ولد ميارة استنكر تغييب الشخصيات التاريخية الفاعلة في تلك الأحداث في الرواية التي روج لها القيادي البارز في البوليساريو، أمين صندوقها ومؤرخها، محمد لمين ولد أحمد، في اللقاء التلفزيوني الذي نشطه مؤخرا، حيث شجب محاولات الأخير التضخيم من دوره على حساب الأدوار المحورية التي اضلعت بها شخصيات تاريخية أخرى ساهمت في صنع تلك الأحداث في مقدمتهم زعيم البوليساريو الأسبق الولي مصطفى السيد..
المتحدث أدان في شهادته بأشد العبارات التزوير المتعمد الذي عكف عليه ولد أحمد لأهم الأحداث المفصلية في تاريخ البوليساريو، خاصة ما يتعلق بالانقلاب الذي نظمته اللجنة التنفيذية على الولي مصطفى السيد، ومحاولة الاغتيال المزعومة التي ادعى ولد أحمد أن الولي قد تعرض لها من طرف عناصر اللجنة العسكرية، حيث استدل في لقائه التلفزيوني بمجرد خروج مجموعة منهم في سيارة في وقت متأخر من الليل لإدانتهم، الى جانب حادثة سير عرضية تعرض لها أحد عناصر اللجنة التنفيذية، مستشهدا بالتفاصيل المتعلقة بالسيارات القليلة التي تمتلكها الجبهة آنذاك، حيث لم يجد ولد أحمد أي حرج في الاعتراف بسرقتها من طرف الجبهة!
ولد ميارة أسهب أيضا في شرح العديد من تفاصيل الحركة التصحيحية التي دشنها أعضاء اللجنة العسكرية بهدف إعادة الولي مصطفى الى منصبه كأمين عام للجبهة عقب انتخابه في المؤتمر الثاني للبوليساريو المنعقد 1974، نافيا كل ما ورد على لسان محمد لمين أحمد في اللقاء التلفزيوني الذي نشطه مؤخرا، والذي نفى فيه بدوره الاتهامات التي وجهت إليه في شهادات تاريخية تم تسجيلها من طرف شهود عيان آخرين حول تلك الملابسات، من كونه قائد المحاولة الانقلابية الفاشلة التي سعت الى الاطاحة بالولي السيد.
كما استغرب ولد ميارة أيضا تعمد ولد أحمد التركيز على العناصر التي التحقت بالمغرب لأجل التشكيك في روايتها وإدانة حراك اللجنة العسكرية، في حين ذكّره بشخصيات أخرى لا تزال متواجدة في المخيمات شاركت في ذات الحراك، حيث وضح في ذات السياق التهميش والاقصاء الذي استهدفت من خلالهما تلك العناصر.
فمحمد لمين أحمد هو من كان يحرض على الانقلاب على الولي وهو من كان يدافع عن قرار عزله، يوضح ولد ميارة، كما أنه والى جانب بقية أعضاء اللجنة التنفيذية يتحملون مسؤولية كافة الانتهاكات المسجلة في حق أعضاء اللجنة العسكرية الذي وقفوا في وجه الانقلاب بعد ذلك، والتي دفعت بالكثير منهم الى التخلي عن طرح البوليساريو، بحسب ولد ميارة دائما.
أما محاولة اغتيال الولي المزعومة التي حاول محمد لمين ولد أحمد من خلالها تبرير الاعتقالات العشوائية التي دشنتها اللجنة التنفيذية في حق أعضاء اللجنة العسكرية، فقد نفى ولد ميارة حدوثها جملة وتفصيلا، مفندا أي نية لدى العناصر التي تصدت للانقلاب وناصرت الولي مصطفى السيد لتصفيته. كاشفا أن الهدف من التسويق لكذبة الاغتيال كان ببساطة الانتقام من العناصر المحسوبة على اللجنة العسكرية.
“كفى استفزازا لمشاعرنا” يقول عبدي مخاطبا محمد لمين ولد أحمد، مضيفا “اتركونا في سلام حتى نمضي الى جوار ربنا، ولكم أن تزوروا التاريخ حينها كما يحلوا لكم”..