بقلم: محمد سالم عبد الفتاح
بمجرد مرور ساعات قليلة على صدور بيان الحركة وتعميمه، فإذا بالاتهامات تتهاطل بالجملة على منتسبيها من طرف من يدعون أنهم مؤمنون بالبوليساريو، وإذا بالسباب والشتائم يطال التجربة، فضلا عن محاولات بائسة لممارسة الوصاية عليها ومصادرة حريات من يؤمنون بها..
في حقيقة الأمر كنا ننتظر ردة فعل متشنجة من أذناب قيادة منتفعة من الوضع الحالي، تسخر الامكانيات العمومية لتجنيد الأبواق والاقلام المأجورة وتعيث في الارض فسادا، لكننا كنا ننتظر أيضا نقاشا عقلانيا هادئا لمضامين البيان التأسيسي من طرف من يخالفون طرحنا الذي يحق لهم كل الحق ان ينتقدوه ويناقشوا مخرجاتها حتى وإن كانت لا تزال في مهدها، نقاش من شأنه ان يساهم في تطوير تجربة لا تدعي العصمة ولا تحتكر تمثيلا مكذوبا ولا مزورا للشعب كما يفعل البعض.
لكن ما حدث هو أننا جوبهنا بحملة نعيق ونهيق مهولة، بعضها يسقط احكامه الجاهزة على التجربة انطلاقا من نواياه الخبيثة، وآخر يزايد بالشعارات الجوفاء ويجتر خطاب سياسي متجاوز أكل منه الدهر وشرب، فيما البعض الآخر يخون ويوزع الاتهامات الباطلة بأسلوب ارتزاقي جلي وبشكل أقل ما يمكن أن يقال عنه أنه جبان ورخيص.
إذن، مادمتم تحاولون عبثا مصادرة حرياتنا الفكرية وحقوقنا المدنية والسياسية، أبسطها ان نعتنق ما نشاء من آراء ونؤسس وننضوي في ما نشاء من هيئات سياسية، وهي نفس المبادئ التي لا تزالون تختبؤون خلفها بالمناسبة، فلا بأس من تذكيركم بطبيعة صنمكم ومعبودكم الذي تحاولون عبثا اضفاء قداسة وهمية عليه..
فالبوليساريو في حقيقة الأمر ليست سوى تنظيم مغلق رجعي بئيس، يكرس الاستبداد والطغيان وتغيب فيه كل اشكال الديمقراطية يمارس تفويضا اداريا غير ديمقراطي بالمرة من طرف الجزائر على مخيمات اللاجئين ويدعي زورا وبهتانا تمثيل الصحراويين، لكن الادهى انه يوفر الحماية لمجرمين وقتلة متورطين في تقتيل وتعذيب المواطنين الصحراويين أنفسهم بحسب تقارير أبرز المنظمات الحقوقية الدولية، زيادة على تورطه في نهب المساعدات الانسانية بحسب تقرير البرلمان الاوروبي..
لا أظن ان امرء تنازل عن حريته وكرامته وسلم نفسه لتنظيم رجعي هذه شاكلته بإمكانه الحديث عن الارتزاق او الارتهان او التبعية، عالجوا معبودكم أولا ونظفوه على الأقل من لوثة الاجرام والتقتيل والنهب والاختلاس التي لا يزال غارقا فيها، حينها سيحق لكم أن تفتحوا أفواهكم في وجه من عبروا عن وجهة نظرهم بكل رقي واحترام، أما السباب والشتائم وتخوين المخالفين فتلك حجة من حجة له..
اما معبودكم فنحترم من يؤمن به كفكرة وطرح سياسي رغم اختلافنا العميق معه، لكننا سنمارس حقنا في الطبيعي في انتقاده كبنية فكرية وتنظيمية، فضلا عن وجوب انتقاده كسلوك وممارسة بحكم دكتاتوريته وطغيانه واستبداده وانحرافاته التي لا تعد ولا تحصى..