ذكرى سنوية أخرى تصادفنا لوفاة الأخ سيدي أحمد لعروصي المعروف بإسم “بيخو”، إلتقيت به عندما كنا طلاب بالمرحلة الثانوية في معهد الجنرال ألونسو بالعيون في السبعينيات، وبعد ذلك عشنا معًا كعاملين في الفترة الأولى من ظهور وسائل الإعلام الصحراوية التابعة للبوليساريو، وبقينا على إتصال حتى آخر أيام حياته، رحمه الله.
لقد كان سيدي أحمد دائمًا يتمتع بسلوك لا تشوبه شائبة كصديق وزميل، وكان مثالًا رائعًا للنزاهة والإستقامة والنبل الأخلاقي، تُلخص حياته ومسيرته الأحلام والآمال التي حفزت الآلاف من الشباب الصحراوي الذين ضحوا بمشاريعهم المهنية وإهتماماتهم الشخصية للإنضمام إلى ما أغرانا جميعا في ذلك الوقت بالنضال من أجل مستقبل أفضل للشعب الصحراوي.
وتُمثل تجربة سيدي أحمد أيضًا خيبة الأمل والمعاناة التي عاشها العديد من الصحراويين أبناء الإقليم بسبب القمع على يد قيادة سياسية أجنبية مجهولة من ضواحي طانطان، والتي لم يكن لديها أي تردد في إذلال هؤلاء وإحتقارهم وإساءة معاملتهم وحتى قتلهم، ممن تجرأ على معارضة أو إنتقاد تجاوزاتهم أو كان له رأي مخالف لتصرفاتهم.
تم إختطاف سيدي أحمد لعروسي من شوارع مسقط رأسه ونقله إلى تندوف، لقد عانى مما لا يوصف في السجون السرية لجبهة البوليساريو، كان على وشك الموت بسبب التعذيب على يد شخصيات شريرة من أسوأ الأنواع، حيث تم تركه لعدة أيام يعيش مع الثعابين في حفرة في الصحراء، أصيب بأمراض خطيرة دون مساعدة طبية… ومع ذلك نجا وتعافى بفضل ثباته وقوة إرادته،
كان بإمكانه أن يختار حياة أخرى، بل كان بإمكانه أن يستسلم ويعيش ويعمل وفقًا لقواعد معذبيه، ومع ذلك، فقد إختار الهروب من الجحيم، وأن يصبح ناشطاً في مجال حقوق الإنسان، وأن يدين علناً من الخارج الإنتهاكات والإعتداءات التي لم يكن العديد من زملائه على علم بها.
وعلى الرغم من رياح الحرية التي هبت على الكوكب، لا تزال مساهمات سيدي أحمد وتجاربه المريرة مخفية، وتجاهل الدور الرائد الذي لعبه في إنشاء أول وسائل الإعلام الصحراوية.
عبر إنتاج اعمال تخلو من إثارة الأدوار الهامة التي لعبها سيدي أحمد لعروصي في مراحل تاريخية دورا مهما في المشروع الإعلامي بفضل كفاءته وإخلاصه.
وتستمر التجاوزات في حق سيدي أحمد حتى بعد وفاته عبر إلغائه من صحفات التاريخ، والاعتماد على أبواق صحفية لإنتقاد كل صوت أو تيار معارض، أما فيما يتعلق بالماضي، فيختارون «أسلوب الصمت» في مواجهة كل ما يزعج قادة «الثورة» أو يكشفهم.
كثيرًا ما نلاحظ العديد من الأحداث والتجمعات والعروض المسرحية في إسبانيا، من طرف ما يسمى بالصحفيين أو النشطاء أو مستخدمي YouTube وذلك للبحث في ماضي مجد الثورة دون أدنى إشارة إلى شخصية سيدي أحمد لعروصي.
وبدلا أن يكونوا إعلاميين صادقين وموضوعيين، فهم يعملون كأبواق يسوقون الدعاية المغرضة لنظام البوليساريو ويتنافسون فيها على كسب ثقة وإعجاب وهدايا قيادة هذه الحركة.
ولهذه الأسباب تتجلى مهنتهم في إنتقاد كل صوت أو تيار معارض، أما فيما يتعلق بالماضي، فيختارون «أسلوب الصمت» أمام كل ما يزعج قادة «الثورة».
ولذلك لا يوجد مكان لرموز أخرى كانت لها أهمية كبيرة في تلك الفترة، مثل “بيخو”، بسبب تمردهم على إنتهاكات البوليساريو، واذكر منهم مربيه ربو ولد محمد الهيبة أو محجوب السالك (الجفاف)…
لقد رحل سيدي أحمد لعروصي من هذه الحياة، لكن إرثه سيبقى حيًا، ليذكرنا بشجاعته وإلتزامه بالحرية.
الحاج أحمد باريكلى