أجرى السيد السكرتير الأول لحركة صحراويون من أجل السلام الحاج أحمد باريكلى حوارا صحفيا مطولا مع جريدة “Mares30” المغربية الناطقة باللغة الإسبانية، التي بدأت حوارها بالسؤال عن أهم المتغيرات الواقعة بالصراع الإقليمي المستمر منذ أكثر من أربعة عقود، وشكل المساهمة الرئيسية التي يمكن أن تقدمها حركة صحراويون من أجل السلام في هذا الصدد، حيث أكد الحاج أحمد “.. أن المساهمة الأكثر أهمية التي يمكن أن تُعزَى إلى الحركة هي إدخال ثقافة النقاش والتسامح وحرية التعبير والتعددية الحزبية في جزء من المجتمع الصحراوي المعتاد على الانضباط الحديدي والصلابة الأيديولوجية النموذجية للأحزاب الفردية، مضيفا أنه لم يكن الخروج من الصف سهلاً خلال هذه العقود الخمسة، فقد أنشأت جبهة البوليساريو في عالمها الخاص نظاما شموليا يقوم على الوجود المطلق لـ “الفكر الواحد” المدعوم من طرف قومية راديكالية سامة تقترب من الفاشية والتعصب..”
وبخصوص الأحداث المتتالية أشار الحاج أحمد الى الأخطاء المرتكبة من طرف البوليساريو، التي يندرج بعضها في إطار الرغبة في التشويش على حركة صحراويون من أجل السلام، وهو ما أدى إلى نتائج كارثية، أهمها فقدان الشباب في حرب عبثية، وخسارة جميع المواقع العسكرية على الأرض الموروثة منذ دخول وقف إطلاق النار.
وعلاقة بالمواقف الدولية المعلنة تحدث السكرتير الأول أن الأمر يتعلق بمستوى تأثير قوي على العملية، ويعكس النقاش الأخير في مجلس الأمن وتقرير المبعوث ستيفان دي ميستورا تأثير هذه القوى ورؤيتها، ويكشفان عن توازن القوى الجديد والخيارات القائمة.
مؤكدا على القيمة الكبيرة للاتهام بمسار التسوية السياسي الذي يعبر عنه المغرب والقوى الدولية، وهو ما يعكس جدوى وأهمية “المسار الثالث” الذي يتجلى في وجود حركة صحراوين من أجل السلام، كقوة سياسية منظمة، وأضاف “”..نحن على يقين من أن هناك إجماعا بين الصحراويين على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق سياسي مع المملكة المغربية، وأنه بعد خمسين عاما من الألم والإحباط، لا يمكننا الاستمرار في ربط مصيرنا بمصير مشروع فاشل..”
وبخصوص مقترح المغرب لسنة 2007، قال السكرتير الأول “أن موقف الحركة واضح ولا يحتوي على أي ضبابية أو غموض من أي نوع، وفي ندوة داكار أكتوبر 2023، عرضنا علنًا التوجهات العامة لحل شامل، مشيراً إلى أن الحركة أخذت بإهتمام كبير اقتراح المغرب، وتم اقتباس عناصر استكماله من حالة كردستان العراق إلى حالة جزر فارو مع الدنمارك، مرورا بتلك التي تبدو قريبة و مثالية في الدولة الإسبانية.
مشيراً إلى عدم القدرة على الإستغناء عن الضمانات الدولية رغم الدعم الدولي للمغرب ومهما كان مصير المشروع الآخر، مبرزا أن المسألة تعتبر فرصة تاريخية لإختبار نضج وبراغماتية الصحراويين، وفي الوقت نفسه، حداثة وصلابة المؤسسات الملكية الدستورية المغربية في القرن الحادي والعشرين.
وبخصوص عمل الحركة ونجاحها في الحصول على مكانة هامة بإسبانيا قال السكرتير الأول “..إن ظهور حركة “صحراويون من أجل السلام سمح للرأي العام والمؤسسات السياسية الإسبانية بتثمين خطاب جديد سلمي وتصالحي، يدعو إلى حل وسط، بدلا من الرواية العدائية المتكررة لجبهة البوليساريو التي تجبر الصحراويين على مقاومة غير عقلانية و قصيرة الأمد مما يدفعهم في النهاية إلى الانتحار الجماعي..'”
ونفى السكرتير الأول خلال الحوار وجود أي علاقات وإتصالات في الوقت الحالي بين الحركة والمملكة المغربية، مؤكداً أن فتح حوار مع السلطات المغربية، هو الهدف الذي تعمل الحركة من أجله، مضيفا “..نحن ندرك ونقرأ الإشارات التي تبدو لنا مشجعة، ولكن حتى الآن لم تكن هناك اتصالات مباشرة، أنا شخصياً أثق في «المفاجآت» التي يمكن أن تحملها المرحلة التي بدأت بعد قرار مجلس الأمن رقم 2756 وتقرير المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا. ليس من المستغرب، بل يبدو منطقيًا ومعقولًا بالنسبة لي، أنه بعد ثلاثة عقود من الركود في العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة، يتم البحث عن محاورين آخرين، مع العلم أن ثمانين بالمائة من السكان الصحراويين لم يحددوا هويتهم مطلقًا أو توقفوا عن الشعور بأنهم ممثلين من قبل البوليساريو، إن صفة “الممثل الشرعي والوحيد” الذي يتمسك به التيار القديم هو صورة “بالأبيض والأسود” وهي جزء من الماضي…”
وعلاقة بالخطواتكم التالية للمساعدة في حل الصراع، أشار الحاج أحمد أن حركة صحراويون من أجل السلام قد تمكنت من ترسيخ نفسها كمرجع لمقاربة معتدلة وواقعية، والتي، ونحن على يقين، -يقول السكرتير الأول- “…تعكس المشاعر الحقيقية لغالبية الصحراويين، ولا سيما أولئك الذين غادروا هم وأحفادهم الإقليم في سنوات السبعينيات من القرن الماضي، حيث لم يعد الناس يؤمنون بأحلام و أوهام المشاريع المستحيلة بعيدا عن أراضيهم، والخطوة التالية التي خططنا لها، بالإضافة إلى تكثيف وتوسيع عملنا في الخارج، هي تنظيم الندوة الدولية الثالثة للحوار والسلام في الصحراء الغربية، المقرر عقدها في الأشهر الأولى من العام المقبل، حيث سيكون اجتماعا آخر للحوار الصحراوي-الصحراوي، الذي سندعو إليه للمرة الألف الأشخاص العقلاء، إن وجدوا، من قيادة البوليساريو، ونتيح لهم الفرصة للنقاش ومواجهة الأفكار في فضاء حر، بعيدا عن ثكنات تندوف و”شرطة الفكر” وبحضور وجهاء قبائل الصحراء، السلطة الشرعية الموروثة عن الحقبة الاستعمارية..”
مختتما بالتأكيد على أن الحكم الذي أصدرته محكمة العدل للاتحاد الأوروبي بشأن الاتفاقيات التجارية الموقعة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، لا تعدو كونها “عاصفة في فنجان”، ليست لها آثار تذكر، و لا يعكس بأي حال من الأحوال موقف الدول الأوروبية.
لجنة الإعلام والاتصال
مدريد.